نواحي
الحياة كلها، المشبعة بالمحبّة، تتنفس
الصعداء في الوجود الحي لله، هنا وهناك
وفي كل مكان، في هذا وذاك وفي كل شيء، لا
شيء سوى المحبّة والوجود الحي لله. هكذا
وبشكل تدريجي تتقدم المحبّة الشخصية
لتكسب حالة المحبّة الكونية. وهكذا تتقدم
المحبّة الكونية لتجد تعبيراً في
المحبّة الشخصية.
لكل
شيء وقته في الحياة.
الحياة
تتقدم على خطوات المحبّة، ولكل خطوة في
المحبّة لها وقتها الهام، كل مستوى في
المحبّة يجلب الاكتمال للمستوى الرديف
في التطور.
المحبّة
كلها، في كل مراحل كل نقطةٍ منها، هي هامة
للحياة.
المحبّة
هي البَركة الأسمى للحياة؛ المحبّة
كمحبّة هي كونية. والمحبّة الشخصية هي
محبّة كونية مكثفة. آه، يفيض قلبي عندما
أقول: "إن المحبّة الشخصية هي محبّة
كونية مكثفة".
يتدفق
بحر المحبّة الكونية في أنهار المحبّة
الفردية. إنها بَركة في الحياة.
القلوب
التي أشرق فيها
الوعي الكوني، قادرة أن تمتلك قوة البحر
اللامحدود للمحبّة الكونية، حتى في
أنهار المحبّة الشخصية.
أولئك
الممتنعون عن مقدرة المحبّة، أولئك
الذين تجري محبتهم في قنوات محددة لأغراض
وأشخاص منعزلة، أولئك الذين يحبون ذاك أو
تلك، أولئك الذين لم يدركوا الوعي الكوني
في قلوبهم، هم مثل بِرك ماءٍ صغيرة تجري
فيها المحبّة مثل تماوج الماء وليس
كأمواج البحر الهادر.
هكذا
هي المحبّة في الكثير منا، نُحب اليوم
ونتشاجر غداً، فلنمتنع عن جلب العار
للمحبّة. ونترفّع لنحب إلى الأبد
وباستمرار.
عندما
يتدفق البحر بالموج، يتدفق في سلام داخلي.
أما
عندما تتحرك بِركة الماء الصغيرة، قليلة
العمق، لترتفع بالأمواج، فهي فقط تعكّر
المياه بالوحل الراكد في العمق وتفقد
البِركة كامل نقاوتها.
عندما
ينوي القلب، السطحي مثل البركة الصغيرة،
أن يرتفع بأمواج المحبّة، يتعوكر ويُخرج
الوحل الذي كان من الأفضل أن يبقى مخبأ في
الداخل.
من
أجل أن نفرح في بحر المحبّة، علينا أن
نحسّن مقدرة قلوبنا ونكسب عمق بحرٍ ممتلئ
لا يسبر غوره.
لنعطي
صفات البحر لقلوبنا قبل أن تضيع محبتنا
الغالية وتتقاذفها الرياح العاصفة.
وبامتلاكنا
لصفات العمق، لنفتح قلوبنا لتدفُّق بحر
المحبّة، ولتمتلئ تدفُّقاً. وترتفع
بالنعمة الأمواج العظيمة للمحبّة وتحيي
مجد الخليقة أجمعين بغبطة الوحدة
والسلام الداخلي.
وكيف
ننمي عمق قلوبنا؟
بالغوص
بعمق في نقاوة كياننا. بكشف المستويات
المرهفة لنبضة المحبّة التي تدمدم في
غرفة الصمت في قلبنا. بالغوص بعمق في سكون
البحر اللامحدود الذي لا يسبر غوره
للمحبّة الموجود في داخل قلوبنا.
بالتقنية البسيطة لكشف الذات أو بواسطة
ما يعرف بتقنية التأمّل التجاوزي.
إنه
من السهل لكل فرد أن يسبر غور المقدار
الذي لا يسبر غوره لبحر المحبّة الموجود
في داخلنا، ويفرح إلى الأبد بامتلاء
الحياة وامتلاء القلب.
المحبّة
هي الامتلاء، يقبلها الجميع.
المحبّة
تربط، هي قوة توحيد الحياة. تقوي
التوحّد، إنها تربط، وتربط أيضاً في
التحرّر. إنها توحّد قيود الحرية. إنها لا
تعرف التنافر، الانشقاق غريب عن
المحبّة، التنافر غريب عن المحبّة، عدم
التناغم غريب عن المحبّة.
المحبّة
هي الطهارة، المحبّة هي البراءة،
المحبّة هي الامتلاء والأحادية والغبطة.
إنها تجلب الاكتمال.
المحبّة
توحّد أطراف الحياة المتباعدة وتجمعها
في شمولية تكاملية.
المحبّة
هي رمز الحياة. النقص في المحبّة يدل على
النقص في محتوى الحياة والتظاهر
بالمحبّة دون المحبّة الأصلية هو مخزٍ
للحياة.
حالة
البساطة والبراءة والطبيعية والعادية
للمحبّة دون الكبت هي صفة إلهية، تلك هي
الصفة الطبيعية لحياة ممتلئة بالنعمة.
النعمة
الإلهية تستقر في امتلاء براءة المحبّة،
وفي فيض المحبّة تستقر محبّة الله ومحبّة
خليقة الله. وعندما يجد المحب للحياة
نفسه في المحبّة اللامحدود للوعي
الكوني، يهمس لإلهه في داخل ذاته:
ربي،
في هيكل قلبي، على مذبح مجدك، إلهي،
ممتلئةٌ محبّتي، ومحبّتك مكنوزة بأمان.
محبّتي
لك في أمان وممتلئة انتعاشاً وطهارةً على
مجد مذبحك.
ربي،
رُبانيتك مضمونة في مقام قلبي، وعندما
تتدفق محبّتي، تنشر مجدك في خليقتك.